فقدت الزارات كما ورد في العطوف مساء الخميس الموافق ل23 نوفمبر 2010 احد اهم الشخوص الاجتماعية والدينية المرحوم بادن الله تعالى الحاج بشير الحجاجي .ونظرا لمكانة الرجل في الاوساط الاجتماعية و الدينية و لمناقبه العديدة راينا من الاهمية بمكان ان نعرف قراء العطوف الاغراء اكثر بالرجل و اهم مراحل حياته المميزة. الحاج المبروك بن علي شهر الحاج بشير ..من مواليد الزارات سنة 1924 بتصريح... كان اماما و مؤدبا و فقيها في علوم الفقه و الدين برغم تكوينه العصامي. تبقى محاولته للحج مشيا على الاقدام انطلاقا من موطن ميلاده و نشاته الزارات الى البقاع المقدسة احدى اهم انجازات الرجل و المرحلة الحساسة من حياته التي ربما طبعت شخصية الرجل ...الرحلة انطلقت من الزارات سنة 1946 في فترة الحرب الثانية وهي الفترة التي تعتبر الاخطر في العالم باسره ومنطقة شمال افريقيا و المشرق العربي بالخصوص نظرا لتواصل المعارك بين قوات المحور والحلفاء..على اراضيها.
الى مكة على الاقدام
المرحوم لم يكن ليعطي اهمية لخطورة الطريق فقط وصوله الى مكة المكرمة و الصلاة في الحرم كان الهدف الاسمى بالنسبة اليه .وصل الى الجماهرية الليبية وكانت حينها ترزح تحت نير الاستعمار الايطالي و كانت اولى العقبات التي اعترضت الرجل ففي ميناء بورت بنيتو وهو على الارجح ميناء طبرق الان منعه الجنود الطليان من مواصلة الرحلة و متهمين اياه بمساعدة الفلاقة و نقلهم الى فلسطين المحتلة .تمكن صاحبنا بفضل الله تعالى من الوصول الى جمهورية مصر بعد مدة قصيرة و تعطل هناك نظرا لصعوبة اجتياز الحدود...استغل هده العقبة الجديدة للاقامة في جامع الازهر لحفظ القران و ربط علاقات مع مشائخ الجامع الكبير ...وصل الى فلسطين وكانت اولى الانجازات بالنسبة للرجل و هي الصلاة في الاقصى ومنها واصل ربط العلاقات مع انداده و مشائخ العلوم الفقهية هناك ومنهم رجل يمني الاصل وكان تاجرا متنقلا و قد تعاهدا على المضي قدما نحو تحقيق رغبتهما المشتركة وهي الحج الى مكة المكرمة اتجها معا نحو اليمن في تغيير لمسار الرحلةنظرا لصعوبة التنقل من فلسطين الى المملكة السعودية مباشرة ودائما برا و مشيا على الاقدام و احيانا ركوبا على اية وسيلة نقل دابة كانت او ميكانيكية و كانت نادرة جدا حينها ...افاق الحاج بشير يوما ولم يجد رفيقه اليمني و زادة المهمة صعوبة و لكن و للطهارة نفسه و اعتقاده الراسخ بقدربة الاشياء راى في منامة له ان رفيقه موجود في مكان ما و سيجده وتحققت رؤية الرجل ووجده في المكان الدي راه في الحلم ...لمادا رحل اليمني بدون الحاج بشير و اين كان احداث غابت حقيقة عن مصادرنا..اخيرا كان الوصول مدينة رسول الله ص اخيرا تحققت امنية الحاج بشير ولكن ...بعد فوات موسم الحج لسنة 1946 لتتجدد صعوبات الرجل و ما اكثرها واقساها ..ولكنه صمم على البقاء هناك كلفه دلك ما كلفه .و لقوت يومه و لحياته اشتغل عامل تنظيف على حمار صغير مع رفيق جديد من المغرب الاقصى وتحديدا من مدينة فاس.
لعل احد الصحابة مر من هنا
استغل الحاج بشير الاقامة بالمدينة لزيارة اغلب الاماكن المقدسة من ا المسجدالنبوي و الصلاة فيه و في المقام الابراهيمي و زيارة مدافن الصحابة الخ...و يعتبر الحاج بشير اول من صلى من التونسيين داخل الحرم و طوال اقامته في البقاع المقدسة و لرغبة دينية و اخرى دنياوية )قلة دات اليد كان المرحوم يصوم يوما ويفطر يوما لتوفير الزاد... ووصوله هناك لم يكن ابدا بالامر الهين فبالاضافة لجنود الاستعمار على كل الحدود بين الاقطار العربية كانت الهوام و ضباع الصحاري احدى اهم الاخطار التي تعرض لها صاحبنا ومن النوادر التي رواها المرحوم انه كان عرضة لهجوم ضبع و كان قاب قوسين من ان يكون فريسة له لولا الطاف الله به اضافة طبعا للسعات الافاعي والعقارب...و مروره وعديد المرات بجانب حقول الالغام و لم يكن صاحب الزلفة وهي كل ما كان يملكه الرجل من متاع الدنيا يابه لكل الاخطار المحدقة به فقط الحج و بعده الطوفان ...و كثيرا ما كان عرضة ايضا للتحقيقات من طرف الاستعمار او ادنابه بانه كان على صلة بالمقاومة في فلسطين او غيرها وقد عمل بكل تفان و اخلاص في مهنة التنظيف في مدينة الرسول ص بكيفية جعلت سكانها و زوارها وقتها يهتمون به و يساعدونه بالزاد و المال ...لقب بخادم الحرمين من فرط حبه لمهنته الجديدة هناك و كان يتنقل في كامل ارجاء المدينة قائلا ومرددا علنا حينا و سرا احيانا اخرى لعل الرسول مر من هنا لعل احد الصحابة مر من هنا..
كان أعظم من الحياة
ادى مناسك الحج سنة 1947 و عاد ادراجه الى ارض تونس في رحلة لا تقل معاناة عن رحلة الدهاب مارا باحد اهم المشائخ حينها و قد اتخده صاحبنا صديقا له وهو المرحوم الحاج عمار الابيض اصيل بنقردان و كان قد شجعه على الحج مشيا على الاقدام حين قرر الرحلة و مده بعديد النصا ئح و لما عاد الحاج بشير كما اسلفنا الدكر مر على صديقه و طرق الباب فجاءه صوت الحاج عمار من بالباب فرد الحاج بشير انا المبروك الزاراتي فرد الحاج عمار قل الحاج قل الحاج وفتح له الباب و استقبله بفرحة لا توصف ...و بقي على اتصال به حتى توفاه الاجل .بقي الحاج بشير على تقواه وورعه من دلك زياراته المتعددة الى الجريد لحفظ القران ومنها كانت رحلة اخرى من الاهمية بمكان في حياة الرجل وهي الرحلة التي قادته الى منزل تميم بالوطن القبلي و تحديدا زاوية سيدي معاوية الشارف حفظ نصف القران هناك و بعث كتابا بقرب الزاوية. وكان المرحوم يزور من حين الى اخر جامع الزيتونة المعمور مستغلا وجود احد الطلبة من ابناء الزارات المرحوم احمد بن عبد الله الحجاجي المعلم و الفقيه الزيتوني كان صاحبنا يروم الالتحاق به و الدراسة هناك لكن امكاناته المادية كانت تمنعه من دلك مكتفيا بما المرحوم احمد بن عبد الله ينقله له من اخبار عن الزيتونة والزيتونيين .استدعي للتشريفات و كان دلك لتحية الباي اخر الخمسينات.حفظ كامل القران وعاد الى الزارات وتزوج ثانية و شغل منظف و مؤدن بالجامع القديم قرب الواحة بالبلاد القديمة تحديدا شهد بناء جامع السلام القديم في ستينيات القرن الماضي واتقل بمثل خطته هناك و زاد عليهاامامة الصلوات الخمس و مؤدب و تحصل في الاثناء على شهادة اخرى في تحفيظ القران و شرحه و تولى امامة صلاة التراويح الى بداية سنة 1995 و كثيرا ما عوض امام الجمعة غسل الموتى وكفنهم و كان ناهيا على البدع المستحدثة كثيرا ما صالح بين المتخاصمين كان قدوة لعديد الزوارتية والقرى المجاورة كالسدرية و شط العوامر و لماية و نوى اعادة الحج بعد حالي 49 سنة من حجته الاولى لكنه اكتفى و قرينته بالاعتمار في رمضان 1996 لعدم تمكنه من البقاء الى موسم الحج واكب العديد من المناسبات الدينية الكبرى في جامع عقبة بالقيروان و بجامع الزيتونة بالعاصمة .حين اشتد به المرض و الكبر كان يجاهد نفسه و عائلته على الصلاة في المسجد و خاصة في العيدين و يختم القران هناك ..صبور جدا حلم كان يردده و يتردد على منامه قوله رحمه الله كنت افيق من نومي على ترديد يا محمد يا محمد...يقرا الخط الكوفي و يكتبه .ابو الناصر و بلبابة و عبد السلام و5 من البنات و زوجة صبورة مثله...شخصيا عرفته و اقتربت منه نهايةا التسعينات يشجع المبتدئين في كل ميدان و يحث علىحفظ القران و ترديده ... هده لمحة موجزة عن مناقب الفقيد وا هم فترات حياته استقيناها من افراد عائلته و بعض جلاسه و تلاميذه ...رحم الله الحاج بشير لقد كان اعظم من الحياة.